مندوبيات الكشاف المسلم في الأقطار العربية
وكان لهذا الحضور اللبناني السوري في العالم أثره الكبير في انتشار الحركة الكشفية في كل من البلدين الشقيقين, وفي الأقطار العربية المجاورة, وقد أدى هذا الانتشار (ناهز عدد أفراد الكشاف المسلم في تلك الحقبة ألاثني عشر ألف كشاف) إلى تأسيس مندوبيات للكشاف المسلم قامت في كل من دمشق, وحمص,وحماء ) وحلب واللاذقية وجبلة وغيرها من المدن السورية كما قامت مندوبيات أخرى في القدس وعمان
وكما قاد الزائدي معظم المخيمات الكشفية الصيفية التي درجت الجمعية على إقامتها منذ عام 1934 في مصيف رويسات صوفر, والتي كان يؤمها كشافون وقادة من مختلف البلدان العربية بحيث كانت لقاءاتهم تلك تشكل بحق مؤتمرات كشفية دائمة, والجدير بالذكر هنا أن القائد الزائدي عاد إلى مسقط رأسه ليبيا سنة 1953 بعد أن تحررت من الاستعمار الإيطالي, ونجح في تأسيس فرقة كشفية للقادة كانت نواة لكشاف ومرشدات ليبيا وهكذا ويمكن القول أن الانتشار الكشفي للكشاف المسلم لم يقتصر على البلدان العربية المجاورة للبنان بل تعداه إلى بلدان المغرب العربي الكبير
وفي 4(يوليو) تموز1934 أصدرت سلطات الاحتلال الفرنسية القرار رقم 146 ل.ر.القاضي بحل حركة الكشفية, وذلك في أعقاب المخيم المشترك الذي أقيم في المرج الأخضر بدمشق (سورية) خلال عيد الأضحى المبارك(نيسان 1933) وقد كان ذلك المخيم الذي شاركت فيه ثلاث وأربعون فرقة مظهرا من مظاهر التلاحم القومي وعيدا من أعياد الكشفية, وقوبل قرار الحل بالاستنكار الشديد من الهيئات والشخصيات الوطنية, ثم لم تلبث الحركة أن أجيزت مجددا بموجب العلم والخبر رقم 2797 بتاريخ 12 كانون أول 1934 وعندما تم فصل لبنان عن سورية سنة 1936 تبع ذلك سنة 1938 قيام” كشاف سورية” ليضم الفرق الكشفية السورية و” الكشاف المسلم في لبنان” ليضم الفرق الكشفية في لبنان
وقد أدت المخيمات الكشفية التي أقيمت في الشبانية (1930) وفي بيت الكشاف ببيروت خلال عبد الفطر من عام 1933 ,ثم في دمشق (1933)
وفي رويسات صوفر (1934) وكان هذا الأخير الذي تولى قيادته بهاء الدين الطباع باكورة مخيمات الكشاف المسلم الصيفية وأخيرا في بلودان (1938) إلى باكورة المؤتمرات والمخيمات الكشفية العربية على غرار ما كان يجري على الصعيد العالمي وإذا بقادة الحركة الكشفية العربية يتنادون ويقيمون أول مخيم ومؤتمر عربيين في الزبداني صيف 1954
وقد شاركت فيهما مختلف الهيئات الكشفية في البلاد العربية ووضع المؤتمرون أول نظام أساسي للجنة الكشفية العربية التي تشكلت في ذلك الحين من السادة الدكتور علي حسن محمد رئيس جمعية الكشافة المصري وعلي عبد الكريم الدندشي القائد العام لكشاف سورية, وعبد الرزاق نعمان المشرف على الحركة الكشفية بمدارس وزارة معارف العراق, ومصطفى فتح الله ممثلا جمعية الكشاف المسلم في لبنان
وهنا لابد من التنويه بان تكون الإقليم الكشفي العربي واللجنة الكشفية العربية عام 1954 قد سبق تكوين إقليم أسيا الذي أنشئ عام 1958 وإقليم أوروبا الذي أنشئ عام 1960 وإقليم أفريقيا الذي تأسس عام 1970
الخاتمة
هذه هي القصة الحركة الكشفية في أول قطر عربي والتي انطلقت مع ولادة جمعية الكشاف المسلم بلبنان عام 1912, ويصح القول إنها أول جمعية كشفية في العالم العربي, واليوم وبعد مرور خمسة وسبعين عاما على تلك الولادة المشتركة, تستعد جمعية الكشاف المسلم في لبنان والحركة الكشفية العربية للاحتفال بعيدها الماسي الذي يصادف عام (1987) والذي سيتوج خلال المؤتمر الكشفي العربي الثامن عشر عام 1988 ,وذلك بناء على قرار اتخذه المؤتمر الكشفي العربي في مسقط (سلطنة عمان) عام 1984
لمحة موجزة عن تاريخ المنظمة الكشفية العربية
كانت كل منظمة كشفية في البلاد العربية تقوم بنشاطها على انفراد, وكان لقاء الكشافين يجري في مناسبات محدودة ضيقة لا تكاد تذكر لضالتها وفي عام 1938 وجه كشاف سورية دعوة لإقامة مخيم عربي في بلودان فتجاوبت معه بعض البلاد العربية وشاركت في المخيم بمجموعة كشفية قليلة العدد كبيرة في استعدادها للتعاون والتضامن
وبرز النشاط الكشفي بعد الحرب العالمية الثانية في حلة جديدة من التنظيم والتنسيق,فتكونت جمعيات محلية حاولت الاشتراك في المخيمات والمؤتمرات الدولية
ولكن عمليات التسجيل اصطدمت بعقبات لم يكن من السهل تذليلها مادامت كل جمعية تعمل في عزلة وتباعد عن زميلاتها
وفي عام 1951م, استطاعت البلاد العربية التغلب على المرحلة الأولى من الصعوبات بفوز احد قادة الكشافة في البلاد العربية بعضوية اللجنة الكشفية العالمية, وفي خلال بضع سنوات تم تسجيل كثير من البلاد العربية في المكتب العالمي
وتنادى ممثلو جمعيات الكشافة من البلاد العربية لإقامة مخيمات ومؤتمرات كشفية عربية تقام كل سنتين في إحدى البلاد العربية, وتم إقامة أول مخيم كشفي عربي في الزبداني عام 1373هـ-1954م وعقد فيه المؤتمر الكشفي العربي الأول الذي تأسست فيه لجنة كشفية عربية أنيط بها وضع الخطة اللازمة لتوحيد الأنظمة الكشفية, وتنسيق التعاون بين الجمعيات, وتنظيم الاشتراك في المؤتمرات الدولية
وأعيد تشكيل اللجنة الكشفية العربية ومكتبها أثناء المخيم الثاني في أبى قير” الإسكندرية” عام 1956م
وعقد المؤتمر والمخيم العربي الثالث في الزبداني عام 1958م, وأثمرت جهود المؤتمر بالموافقة على لوائح توحيد المناهج والمصطلحات الكشفية
وفي المخيم والمؤتمر الرابع في تونس عام 1960م, تم إرساء أصول التربية الكشفية, والتنظيم على أسس سليمة مستمدة من بيئتنا الأصلية ومشتقة من تاريخ الأمة العربية المجيدة وخصائصها ومميزاتها
بقلم الأستاذ/على الدندشي