الرئيسية 8 الموسوعة الكشفية 8 الحركة الكشفية 8 دليل القائد ..الفتوة والكشفية الجزء الثاني

دليل القائد ..الفتوة والكشفية الجزء الثاني

تهدف حركتا الفتوة والكشفية إلى غاية واحدة هي خير فتياننا, ولكن الأولى تفرض على الفتى تعليميا جماعيا, في حين أن الثانية ترمي إلى إنعاش ذاتيته ومساعدته على الإفادة من مواهبه وملكاته الخاصة, وبعبارة ثانية أن التمرين العسكري يقولب الفتى بحيث يجعل منه عنصرا من عناصر الجماعة الموحدة, بخلاف الكشفية التي تعني بتقوية العقيدة الشخصية وبإنماء روح المبادرة

وفي ذلك يقول رجال التربية: ليست العقيدة ولا الدين من الموضوعات التعليمية التي يمكن تدريسها على نحو جماعي لتلاميذ صف كامل, أما الفرقة العسكرية, أو الطليعة الكشفية فهما الوسط الممتاز لخلق العقيدة ولتقوية الروح الدينية, فضلا عن صلاحهما للتربية الاجتماعية

وقد خبرت ذلك بنفسي منذ عهد طويل, عندما كنت اعمل في الجيش, فقد أتضح لي أن الجندي المقاتل لا يصلح إلا للاستعراض أو المعارك, فكان همي أن ازكي فيه عقيدته وان اقوي شخصيته واجعله قادرا على أن يحكم نفسه ويشعر بالواجب والشرف والمسؤولية والثقة بالنفس وعلى أن يكون قوي الملاحظة قويم التفكير

لقد كنت افعل كل ذلك مستعينا بالطريقة التي يسمونها الكشفية, أي بطريقة تربية الفرد من الناحيتين الأخلاقية والفكرية وليس فقط من الناحية التعليمية

ونحن لا نستطيع أن نتجاهل التطور الاجتماعي الذي يحدث حولنا, ولذلك أميل إلى الاعتقاد بان من الضروري أيضا أن يشمل هذا التطور التربية الكشفية بحيث تصبح هذه قادرة على أن تكون أساسا لديمقراطية صحيحة نظيفة

ولنعد ألان إلى حركة “الفتوة” فنقول إن هدف هذه الحركة – كهدف الحركة الكشفية – هو, كما يقولون, تهيئة وسط صالح للفتيان يمكنهم من مزاولة أسباب النشاط في أوقات فراغهم تكملة لتعليمهم المدرسي,ولكنني اعتقد أن التعليم الإلزامي لم يعد اليوم متمما للطرق التربوية الحديثة ولا منسجما مع ضرورات الساعة, فان ما يلائم الفتى المراهق الذي هو في السادسة عشرة من عمره لا يلائم مثلا من هو في الخامسة عشرة , وقد يضر ابن الرابعة عشرة أو الثالثة عشرة, ولذلك فإنني اعتبر أن نظام ” الفتوة” الذي يضع هؤلاء الفتيان المتباين الأعمار على صعيد تربوي واحد,هو نظام مدرسي يختلف كل الاختلاف عن نظام التربية الكشفية الذي يأخذ بعين الاعتبار فارق السن وينوع وسائله بحيث تلائم مختلف ادوار النمو عند الفتى, وذلك على الرغم من إخضاعه الكبار والصغار لمبادئ وأهداف واحدة (العقيدة , الحذاقة اليدوية, الصحة, الغيرية)

إن ضيق المجال يحول بيني وبين الإسهاب في هذا الموضوع ولذا اقتصر على القول انه من المحتمل ألا تشعر الكثرة الساحقة منا بمدى تدهور القيم الأخلاقية بين فتياننا, ولكن هذا لا ينفي وقوع الكارثة التي نبذل في سبيل مكافحتها جهودا ضئيلة غير ذات بال, وهذه الجهود يجب أن ترتكز في نظري على التربية الفردية التي تقوي علائق الثقة بين المعلم والتلميذ وتقيم روابط الأخوة بين الكبار والصغار

ولا أرى هنا مندوحة عن الاعتراف بأنني لو وجدت في نظام ” الفتوة ” ما يجعله قادرا على القيام بهذه المهمة التربوية, لما فكرت في الدعوة إلى الحركة الكشفية, هذه الحركة التي استطاعت خلال العشر سنوات الأخيرة أن تنتشر في جميع البلدان المتمدنة وفي جميع الممتلكات البريطانية فيما وراء البحار, وهذا ما يجعلنا نعتقد أن النتائج التي حصلنا عليها كانت أفضل مما كنا نأمل ونتصور سواء من حيث الفعالية أم سعة الانتشار

إمكانيات

وهكذا وجدت الحركة الكشفية نفسها أمام إمكانيات كثيرة أهمها:

جعل الفرد مواطنا عاملا سعيدا

حمله على العمل في سبيل المجموع

تقوية المجموع عن طريق الروابط الأخوية

التوسل بهذه الروابط لخلق إرادة عالمية تهدف إلى توطيد السلام الدائم في العالم

مساوئ

نود هنا أن تحذر الجيل القادم من الوقوع في الأخطار التي وقع فيها الجيل الحاضر, والجدول المثبت على الصفحة التالية يبين الطرق التي ننصح بإتباعها لتلافي تلك المساوئ

أن الغاية من وضع هذا الكتاب هي مساعدة القائد على معرفة هذه المساوئ ومعالجتها بحكمة ودراية

جدول أعمال الطليعة

عندما يصادف أن عددا من المرشحين للقيادة يسكنون في مدينة واحدة أو حي واحد, فإنني اقترح عليهم أن يشكلوا فيما بينهم طليعة للدراسة, ويجد القارئ في الفقرة التالية المنهاج المقترح الذي يمكن تعديله بحسب الحاجات والأوضاع المحلية, ومن المفضل أن يكون لهذه الطليعة قائد ذو خبرة يتولى شؤونها ويشرف على دروسها

وان المفوضين والقادة يحسنون صنعا إذا ما جمعوا عددا من فتيان أصدقائهم وأطلعوهم على منهاجنا وأعمالنا بغية تشكيل طليعة كشفية منهم للدراسة

وبالجملة فان باستطاعة القائد أن يضحي بسهرة في الأسبوع لبحث واحد من الموضوعات الخمسة المدرجة فيما بعد, وباستطاعته أن يخصص في إحدى هذه السهرات ساعة للمحادثة يفسح فيها مجال المنافسة والاستفهام, وان يخصص ساعة ثانية للناحية العملية, وحينما تسمح الظروف يجب أن يقام مخيم تدريبي في نهاية كل أسبوع لأنه أفضل وسيلة من وسائل التربية الكشفية, وعلى كل طليعة أن تقيم مخيما لها في نهاية كل أربعة أسابيع

وإذا تعذر إقامة هذه المخيمات في الهواء الطلق فان بالإمكان الاستعانة ببيوت الكشافة أو بغيرها من الدور العامة

موضوعات للدرس

  1. تربية الفتيان وأهميتها: راجع مقدمة كتاب” الكشفية للفتيان” والفصل العاشر منه بعنوان” كيف تؤسس فرقة ” وراجع أيضا كتاب” الجراميذ” وكتاب “طريق النجاح”
  2. تربية العقيدة: شريعة الكشاف ,الحياة في الهواء الطلق , المخيمات , الفروسية, السعادة, حب الحياة, الملاحظة , الألعاب الكشفية, البحرية
  3. الصحية والتربية البدنية: التمارين الرياضية وفوائدها, العادات الصحية, الألعاب, الوقاية من الأمراض, الاعتدال والطهارة, الطباق,السيطرة على النفس
  4. تحسين الذات بقصد إعدادها للمهنة: الحذاقة اليدوية, شهادات الاختصاص, أخطار الكحول ,القمار والقذارة
  5. خدمة القريب ,روح الفروسية ,الدين: المساعدة , الإسعافات الأولية, في حالة وقوع حادث, الإنقاذ, الإطفاء , المراسلة

 

المساوئ السبب الأصل الوقاية الدواء : التربية الكشفية
         
         
         

 

القسم الأول

كيف نعمل على تكوين الفتى وإعداده

قد يبدو هذا العمل صعبا ولكنه ليس كذلك

تبدو الكشفية في نظر الغريب عنها شيئا معقدا وصعبا , وثمة كثيرون من الأشخاص تمنعوا عن أن يكونوا قادة ظنا منهم بان هذا العمل يتطلب منهم اكتساب الكثير من المعلومات والاختبارات, ولكن هذا خطأ محض يدركه القارئ مما يلي:

إن الغاية من الكشفية سهلة التحقيق

إن مهمة القائد تنحصر في أن يخلق في الفتى الطموح الذي يمكنه من أن يتعلم كل شيء بنفسه

يتم تحقيق ذلك عن طريق الألعاب المسلية التي توضع بين يديه, وعن أسباب النشاط الجسماني التي توفر له

وفي كتاب “الكشفية للفتيان ” من التفاصيل المتعلقة بالألعاب الكشفية ما يسهل اختيار الملائم منها لمختلف فئات الفتيان

وهذه الطريقة التربوية تشبه إلى حد كبير طريقة الدكتورة مونتسوري التي سئلت ذات مرة عن كيفية تطبيق نظامها التربوي على فتيان تجاوزوا سن السادسة أو السابعة فقالت: عندكم في إنكلترا شيء اسمه الكشفية, آن نظامها هو تكملة طبيعية للنظام الذي وضعته لتربية الأطفال” وهو النظام الذي ستتمشى عليه المدرسة عندما تصبح كما يجب أن تكون

فشل التربية

لمعرفة مدى نجاح التربية, أو أي فن من الفنون الأخرى, يجب النظر إلى النتائج لا إلى الطرق

إن الغاية الظاهرة من التربية هي خلق مواطنين أصحاء في أجسامهم, سعداء في حياتهم يخافون الله ويحترمون مشيئته, فهل لدينا القليل منهم, وأما الكثرة الساحقة فإنها تتميز بالمساوئ التالية:

الاتحاد: على الرغم من ملايين المواطنين الذين يرتادون الكنائس في إنكلترا فإننا لا نستطيع الادعاء بأننا أكثر من غيرنا تمسكا بالدين وإتباعا لشرائعه وتعالميه

العيوب الجسدية: الرجل العادية في إنكلترا لا يتمتع بصحة جيدة, أن عدد ساعات العمل التي تنحسرها كل عام بسبب الأمراض يرتفع إلى أرقام خيالية … فالنظر السليم والسمع الجيد والأسنان الصحيحة من الأشياء النادرة بين المواطنين, وكذلك وفيات الأطفال فإنها تزداد عاما بعد عام, وستظل في ازدياد مطرد إلى أن يصبح الاهلون أكثر تفهما لواجباتهم ,والى أن تتدخل الدولة وتأخذ على عاتقها أمر الأطفال, ومع ذلك, فان بالامكان إزالة هذه العيوب جميعا بواسطة التربية الجسدية الصحيحة

انعدام الحذاقة المهنية والإسراف: تكتفي المدرسة بان تعلم الفتيان القراءة والكتابة والحساب حتى السن إدراكهم يصبح فيها هؤلاء الفتيان قادرين على التفكير وعلى تنمية إدراكهم وذكائهم, وعندئذ تهمل المدرسة الليلية التي يفرض فيها أن تتمم عمل المدارس النهارية, فقد برهنت حتى الآن عن عجزها في سد الفراغ التربوي لأنها وقف على الأشخاص الميسورين من جهة, ولان الطاقة الجسمانية تكون شبه منعدمة في أوقات عملها

وثمة ظاهرة خطرة أخرى هي هذا الميل الملحوظ في جميع الطبقات الشعبية إلى تبذير المال والإسراف في بذله, بدليل إن وفرنا الوطني أصبح اقل بكثير من وفر معظم الدول الراقية, ومما يساعد على انخفاض مستوى هذا الوفر وجود نظام التأمينات الاجتماعية الذي قضى على مشاعر الخوف من المستقبل وبالتالي على فكرة الاقتصاد والتوفير, والملاحظ أيضا أن خمسين بالمائة من فتياننا يقومون بأعمال لا مستقبل لها, فتكون نتيجة ذلك أنهم عندما يصبحون رجالا يعجزون عن إيجاد عمل محترم, ومن هنا كان ذلك العدد الضخم من البائسين والفاشلين والعائري الحظ الذين يفكر كثير منهم في الهجرة والاغتراب

وليس مرد هذه الظاهرة الاجتماعية الخطرة إلى الأفراد أنفسهم ,بل إلى النظام التربوي والاجتماعي الذي يسيرون عليه

العلاج

ويبدو أن العلاج الذي يوصف اليوم بصورة عامة للحد من المساوئ الكثيرة المذكورة يتلخص في الاستغناء عن نظام التعليم القديم الذي كان يقوم مقام التربية والاستعاضة عنه بنظام تربوي صحيح, ويجب في الدرجة الأولى إدخال التربية العقائدية في المدارس الابتدائية والثانوية, باعتبار أن هذه التربية هي من الصفات الرئيسية التي يجب أن تتوفر في كل رجل يشق طريقه في الحياة, أو كل امة تحرص على أن تحافظ على مستواها الاجتماعي وان تأخذ مكانها في زحمة التنافس الاقتصادي في العالم

ويجب في الدرجة الثانية إدخال الأعمال اليدوية إلى المدارس العادية, لا رغبة في توجيه الفتيان توجيها مهنيا فحسب, بل تحقيقا لغاية أخرى يقصد منها تمرين الفتيان على بذل الطاقة الجسدية وعلى الدقة في العمل وحب الاختراع والإبداع, وغير ذلك من الأمور التي من شانها أن تكون شخصية الطفل وتنمي مواهبه, ومزاولة الأعمال اليدوية وسيلة ممتازة تساعد المربين على اكتشاف الاستعدادات والميول الطبيعية الكامنة عند كل فتى

وتبرز في الدرجة الثالثة أهمية التعليم المدني والتاريخ المعاصر والجغرافيا الاقتصادية كوسائل تمكن من رفع مستوى التفكير والعمل في الأجيال الطالعة:

وثمة أمور كثيرة يمكن أن تعمل لمعالجة الكثيرة من الفتيان المصابين بعاهات جسدية والذين تنحصر معالجتهم في الوقت الحاضر بوضعهم في ملاجئ خاصة تتوفر فيها الشروط الصحية وأسباب التسلية, واهم هذه الأمور التربية النفسية التي تفتح أمامهم أفاق الأمل وتحفز فيهم عامل الطموح وتضاعف قدرتهم على العمل والإنتاج, وان مثل هذه التربية ,أن لم تساعد هؤلاء الفتيان المساكين على سد حاجاتهم المعيشية , فهي تقوي فيهم الثقة بالنفس والاعتماد على ألذات والإقبال على الدنيا

إن الهدف من هذه التربية يتلخص بالكلمات التالية:” لا يعتبر الإنسان قد أصاب حظا من التربية إذا كان فاقد الإرادة والقدرة على أن يأخذ مكانه في دنيا العمل ”

About Author

عن ahmed

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*