الرئيسية 8 الموسوعة الكشفية 8 القوانيين التنظيمية 8 دليل القائد ..الفتوة والكشفية الجزء الثالث

دليل القائد ..الفتوة والكشفية الجزء الثالث

مهمة التربية الكشفية

مهما كان حظ المحاولات التي بذلت في سبيل إصلاح النظم التربوية, فقد استطاعت التربية الكشفية, أن تقوم في هذا المضمار بخدمات كثيرة هامة تهدف إلى تكوين مواطنين صالحين نظاميين يحترمون أنفسهم ويفرضون احترامهم

ولعل الحركة الكشفية قد استطاعت أن تعمل أكثر من غيرها في حقل التربية الوطنية , إذ أدخلت في نظامها الفروع الخمسة التالية التي لا تزال المناهج المدرسية إلى اليوم خالية منها على الرغم من أهميتها في إعداد الناشئة وتكوين المواطنين

العقيدة: نعني بتكوينها عن طريق المحادثات الخاصة في المخيمات, وعن طريق الأعمال والألعاب الكشفية في الغابات, وكذلك بواسطة المسئولية التي تلقيها على عريف الطليعة, والاعتماد على النفس الذي تفرضه على كل كشاف

النشاط اليدوي: يتحقق في أعمال الاكتشاف, وبناء الجسور وإقامة المخيمات التي ترمي كلها إلى إعداد عمل قديرين أكفاء

الصحة والتربية الجسدية: تؤمن بواسطة الألعاب والتمارين الرياضية والدروس الدائمة في علم الصحة

السعادة: تعلم الكشفية الفتى كيف يستطيع أن ينعم بجمالات الطبيعة ويساهم في دراسة الكائنات الحية والجامدة وفي اكتشاف الخالق عن طريق مخلوقاته والتالف مع النبات والحيوان

خدمة الناس: تعلم خدمة الناس بوضع التعاليم الدينية موضع التنفيذ في الحياة اليومية ,وذلك بالقيام بأعمال الخير والإسعافات والإنقاذ..

وهكذا يتضح أن التربية الكشفية من شانها أن تسد النقض في التربية المدرسية , وان نجعل مثلا أعلى في حياته وعمله, وان تقدم له العون في المراحل التي يكون فيها بأشد الحاجة إليه

مهمة القائد

وأذن, فان مبادئ الكشفية تدور كلها في فلك الواقع والحياة العملية, وتتوقف نتائج هذه المبادئ ونجاحها في الحقل الوطني على استعداد القائد وعلى الطريق التي يطبق بها معلوماته ومعارفه

وقد سبق أن ذكرت أن الغاية من هذا الكتاب هي مساعدة القادة على القيام بمهامهم على أحسن وجه, وذلك بإطلاعهم على هدف التربية الكشفية وعلى الطرق التي يستطيعون بواسطتها على هدف التربية الكشفية وعلى الطرق التي يستطيعون بواسطتها بلوغ هذا الهدف , وأنا اعتقد أن ثمة كثيرين من القادة ينتظرون مني أن أزودهم بما لدي من تعاليم على نحو مفصل, ولكن مثل هذا العمل غير ممكن من الناحية العملية والنظرية, إذ أن ما يصلح لفرقة من الفرق أو نوع من الفتيان أو وسط من الأوساط قد لا يصلح لغيرها, ولذلك أفضل الاكتفاء بتقديم نصائح وتوصيات عامة يتخذها القادة أساسا لا عمالهم ويضيفون إليها ما تستوجبه الضرورات المحلية التي يشعر بها كل منهم, وهنا لا أستطيع إلا أن أوصي مجددا بدراسة كتاب ” الكشفية للفتيان” وبخاصة الفصل العاشر منه والقسم الذي يقع تحت عنوان ” كن مستعدا دائما”

وأود أن أضيف, دون أن يخالجني أي شك, أن اللعب هو الوسيلة المفضلة لاكتساب الطفل, إن كثيرا من فتيان الطبقة العامة لم يتح لهم أبدا المشاركة في لعبة عامة ذات أصول وقواعد, فإفساح مجال اللعب لهؤلاء الفتيان هو تربية قائمة بذاتها

عندما يهرول الفتيان حولك أيها القائد تستطيع أن تلاحظ عدد الذين يحسنون الهرولة من بينهم , وان تتبين أولئك الذين لم يسبق لهم أن هرولوا أو ركضوا في حياتهم, إن هؤلاء الفتيان يفتقرون حتما إلى النظام, ويجهلون الكثير عن معاني الشرف والواجب والخدمة العامة المجردة, ولكن إصلاحهم من اليسر بمكان, وهذا الإصلاح يجب أن يعتمد في الدرجة الأولى على اللعب وإقامة المباريات والسباقات والإكثار من ألعاب كرة القدم وكرة السلة والهوكي, فان هذه الألعاب تقوي في الفتى روح النظام والشجاعة والحزم والتعاون

وبهذه المناسبة أورد هنا النصيحة التالية التي قرأتها مؤخرا في مجلة كشفية: ” انظر إلى لعبة كرة القدم بعين الجد والاهتمام, وإذا ما زاولتها فانك تكون شققت لنفسك طريقا قد يوصلك إلى الله , أن هذه اللعبة تشكل قسما من أقسام التعليم الجماعي, وتكاد تكون (أرجو أن يفهم كلامي جيدا) أكثر أهمية من مطالعة الكتاب المقدس, ولذلك يجب أن يحفل بها مناهج كل فرقة, أو جماعة شرط أن لا كون الغاية من مزاولتها التسلية فحسب”

إن للتمرين العسكري فضائل كثيرة, ولكنه لا يكسب الفتى فائدة ملموسة وقد يسبب له الملل, أما بناء الجسور وإقامة المخيمات وقذف قوارب النجاة فهي أعمال ادعى للاهتمام واقدر على دفع السأم والضجر, لأنها تتطلب تجنيد الحواس جميعها, وتتضمن لونا محببا من ألوان التسلية

ولعل إقامة المباريات في الألعاب الكشفية من الوسائل الناجحة التي تثير اهتمام الفتى بقدر ما تنال إعجاب المتفرجين, وعلى القائد أن يربي في فتيانه الروح الرياضية الصحيحة التي تجعلهم يتقبلون الهزيمة برضا وينظرون إلى الأخطاء التي يرتكبها فتيان الفريق الأخر نظرة عدل وإنصاف, ويقبلون على تهيئة الفريق الفائز بسرور وتقدير, وهذه صفات يتطلب اكتسابها الكثير من ضبط النفس والتسامح, فضلا عن انه يساعد على تحقيق غاية وطنية شد ما تسعى إليها, إلا وهي القضاء على الفوارق الطبقية بين الشعب

واسمحوا لي , أيها القادة , أن اردد على مسامعكم مرة ثانية أن عليكم أن تتهيبوا المسئولية الملقات على عاتقكم وعظم المهمة المنوطة بكم , إن ما يبدو من ضخامة المسئولية وسعة المهمة لا يلبث أن يتلاشى عندما تتضح أمامكم الغاية, وعندئذ لا يبقى عليكم إلا أن تضعوا هذه الغاية أمام أعينكم, وان تعملوا على بلوغها بما لديكم من وسائل وإمكانيات

الفتى

إن من أهم شروط النجاح في تربية الكشاف أن يعرف القائد الشيء الكثير عن الفتيان بصورة عامة وعن كل من فتيانه بصورة خاصة

ويحسن بي هنا أن أذكركم, أيها القادة ,بما كانت تنطوي عليه أفكاركم في مرحلة الطفولة , فقد يساعدكم ذلك على تفهم مشاعر فتيانكم ورغباتهم

لقد قيل, وفي هذا القول الكثير من الصحية: ليس هناك نموذج للفتى العامل, فان كل مخلوق يخرج من العادي المألوف, له فضائله وله مساوئه, وقد تواضع الناس على أن يفهموا بالفضائل أو الصفات الحميدة الأمور التالية:

البشاشة: يجب أن نعلم أن الفتى يكون عادة على شيء كثير من البشاشة والمرح, فهو يسر بالنكتة ويحرص على أن ينظر إلى الأشياء من وجهها الساخر, وهذا الطبع الأصيل في نفسية الفتى يعطي القائد عنه صورة جميلة محببة ويجعل منه رفيقا بشوشا لا معلما كالح الوجه

الجرأة: إن الفتيان جميعا, وحتى الفقراء منهم الذين يشكون الحرمان, لا يعدمون وسيلة للظهور بمظهر الجراة والشجاعة, وقد كان جاك كورنويل, كغيره من أبطال الحرب الكثيرين, كشاف ينتمي إلى فرقة فقيرة في العاصمة

الثقة بالنفس: يشعر الفتى بصورة عامة بثقة كبيرة في نفسه وفي قوته, وبخاصة ذلك الذي ينتمي إلى الطبقة الفقيرة لأنه يجد ذويه, ولذلك يأنف كثيرا من أن يعامل كطفل ولا يرضى أن يقال له ما يجب عليه أن يفعل, انه يفضل أن يختبر بنفسه ولو أدى به ذلك الإخفاق, ولاشك إن هذه هي خير طريقة لتعليم الفتى وتنشئته

الذكاء: يمتاز فتيان المدن عن فتيان القرى بالنباهة واليقظة, وقد تأكد لي ذلك بالصعوبة التي كنت أجدها في تدريب الجنود القرويين الذين كانوا اقل قدرة من الجنود المدنين على الملاحظة والاستنتاج

حب الحركة: إن مشاغل المدينة ومتاعبها وأحداثها تجعل من الفتى الذي يعيش فيها أكثر اضطرابا وحركة من أخيه الذي يعيش في القرية ,فهو دائما أمام سيارة إطفاء تمر أو حادث اصطدام يقع, أو معركة تنشب بين الجيران, وهو يفضل لعبة كرة القدم على الألعاب التي تتطلب مجهودا جسمانيا, ولا يستطيع أن يقوم بعمل ما أكثر من شهرا أو شهرين متواصلين لأنه يهوى الحركة ويميل إلى التجديد دائما

الإرادة القوية: الفتى الفقير لا يكون عادة في أسرته موضع عناية واهتمام وعندما يتاح له من يعني به ينقاد إليه ويستجيب لرغباته, وهنا تبدو إمكانية خلق الأبطال ميسورة للقائد

التعقل: ظاهرة يجب أن نفسح أمام القائد, إذا ما نمت عنها نفسية الفتى , مجالا رحبا للأمل في نجاح مهمته التربوية, والفتيان الفقراء هم في الغالب أصدقاء كيسون فيما بينهم يدركون معنى الواجب والتبعة حق الإدراك , وقد يبدوا الواحد منهم أنانيا لأول وهلة ولكنه في الواقع على استعداد لان يساعد سواه وهذه ارض خصبة لغرس التعاليم الكشفية ومبادئها

هناك من يحمل على تصرفات العمال الاشتراكيين ويحترس من وزراء حزب العمال الذين يتهمون بافتقارهم إلى العلم السياسي والى النظر الثاقب المتبصر بعواقب الأمور, ولكننا قلما نجد بين هؤلاء المتحاملين المحترسين الناقمين من يتجشم بعض العناء في سبيل تربية الجيل الطالع من أعضاء هذا الجزب وتوجيههم نحو غايات مثلى وأهداف سامية عن طريق الاحتكاك بهم وإقامة صلات الود والتفاهم بهم

إن أنا في تنمية الفضائل التي أتينا على ذكرها في نفوس الناشئة ما يسهل علينا هذه المهمة ويجعلنا اقدر على تربية الفتيان تربية تتلاءم مع ميولهم ونزعاتهم

اتفق لي مرة خلال إحدى جولاتي التفتيشية أن تعرفت إلى ثلاث فتيان قيل لي إنهم كانوا قبل انضمامهم إلى السلك الكشفي من فئة الفتيان المتمردين العصاة, وأنهم أصبحوا بعد ذلك فتيانا دمثي الأخلاق يتعاطون أعمالا ناجحة, وشد ما سررت لهذه النتيجة التي ضاعفت إيماني بفائدة الحركة الكشفية وأهميتها التربوية

وفي مقال كتبه م .كاسون في مجلة “معلمو العالم” وصف بديع للطفل جاء فيه” إذا كان لي أن احتكم إلى تجاربي الخاصة فإنني أقول إن الفتيان عالم خاصا خلقوه لأنفسهم … وهذا العالم لا تقبل فيه جماعة المعلمين ولا حصافة تعاليمهم ودروسهم, إن لهذا العالم أحداثه الخاصة وقانونه الخاص ولغته وآراءه واتجاهاته الخاصة

وعلى الرغم من وجود المعلمين والآهلين فان الفتيان يظلون منسجمين مع عالمهم الخاص أكثر من انسجامهم مع ذويهم ومعلميهم, وهم يتقيدون بما جاء في قانونهم على الرغم من إن هذا القانون يختلف كل الاختلاف عما يتعلمونه في البيت أو المدرسة, فالمعلم مثلا يوصي بالسكوت والهدوء في حين أن الفتى يميل إلى الحركة والصخب والثرثرة

الضحك والعرك والأكل هي العناصر الرئيسية الثلاثة التي لا غنى عنها في عالم الفتى,وهي عناصر لا علاقة لها بالمعلمين ولا بالكتب المدرسية

وفي مملكة الفتيان يعتبر الجلوس في الغرفة على مقعد الدرس طيلة أربع ساعات في اليوم مضيعة للوقت وخسارة للشمس والهواء هل سمعتم بفتى صحيح البنية جم النشاط يتوسل إلى أبيه أن يعطيه بعض المال لشراء طاولة للدرس؟ وهل سمعتم بفتى لعوب يستأذن والدته في الجلوس معها بغرفة الاستقبال؟

كلا بالطبع …لان الفتى ليس حيوانا داجنا خلق ليظل قابعا في مكانه, وهو ليس من أنصار السلام والسكينة ولا فأر مكتبة ولا فيلسوف..

انه فتى ملء أهابه الحياة يضج به ميل إلى الضحك, والعراك وتعصف بجوانحه شهوة الطعام وروح الإقدام واللهو والحركة والملاحظة ,ولو لم يكن كذلك لكان فتى شاذا غير طبيعي …

فإذا كان هدف التربية تجريد الفتيان من خصائصهم الطبيعية ومعاقبتهم وبمحاربة كل ما ينم عن الطفولة فيهم, فان من الإنصاف أن نعتبر الطرق المدرسية صالحة لا غبار عليها ..

لنترك المعركة قائمة بين قانون التعليم والقانون الخاص بمملكة الأطفال, وسنرى إن هؤلاء الأطفال سينتصرون غدا كما انتصروا بالأمس ,وسيكون حتما من بينهم من يستسلم وينال الحظوات والمنح والمداليات, ولكنهم في أغلبيتهم الساحقة سيستمرون في النضال وسيصبحون رجالا أكفاء ومواطنين شرفاء

أو لم يطرد أديسون من المدرسة بحجة انه من البلاهة بحيث لا يستأهل بذل الجهد في تدريسه وتعليمه؟

أو لم يعتبر نيوتن ودارون, وهما من أرباب العلم والمعرفة, تلميذين فاشلين غبيين يوم كانا على مقاعد الدراس ؟

أو ليس هناك مئات من هذه الأمثلة التي تدل على فشل النظام المدرسي في توجيه الفتيان وتنمية مواهبهم الطبيعية وميولهم الفطرية؟

أليس من الممكن أن نعامل الفتيان كما يجب أن يعامل الفتيان؟

اوليس باستطاعتنا أن نوفق بين القواعد والتاريخ والجغرافيا والحساب وبين متطلبات الطفولة ؟

هل نحن عاجزون عن أن نترجم علومنا ومعارفنا إلى لغة الأطفال

أليس الطفل على حق,بعد هذا كله, في أن يحافظ على قانون مملكته الخاصة القائم على حب الحركة والمغامرة؟

أليس من الأفضل أن يصبح المعلمون طلابا لبعض الوقت كيما يتوفروا على دراسة حياة الطفل العجيبة التي يحاولون تشويهها وقولبتها؟

الم يحن الوقت بعد لان نكيف طرقنا وأساليبنا التربوية بحسب مقتضيات الواقع, وان نفسح للأطفال مجالا استخدام طاقتهم ومواهبهم الكثيرة الخلاقة؟ وأية غاية أنبل وأمتع من أن يوجه المربي قوى الطفل وإمكانياته نحو العمل الاجتماعي والخدمة العامة؟

البيئة

قلت أن أول خطوة في سبيل النجاح هي معرفة الطفل, والخطوة الثانية هي معرفة البيئة التي يعيش فيها, هذه البيئة التي تستطيع مؤثراتها أن توجهه نحو الخير أو الشر وان تجعل منه مواطنا صالحا أو عضوا فاسدا في المجتمع, وهنا تكمن الصعوبة الكبرى التي تجابه  المعلم في أداء مهمته التربوية, ذلك لان المعلم لا يملك وسيلة الإشراف على حياة الطفل خارج المدرسة, وهنا تبرز مهمة القائد الذي عليه, إلى جانب مراقبة الطفل خارج المدرسة ومحاربة البيئة الفاسدة التي قد يعيش فيها ,أن يوجه عنايته إلى استئصال بعض النزعات في نفسية الطفل فيساهم بذلك في تكوين عقيدته تكوينا حسنا

عيوب الأطفال: يعتبر ارتياد السينما إحدى النزعات التي تؤثر تأثيرا قويا على الأطفال, ولمحاربة هذه النزعة يجب البحث عن هواية ثانية يجذب إليها الطفل, وهو عمل ليس من السهولة في شيء, باعتبار إن السينما أصبحت اليوم من المغريات الاجتماعية التي لا تقاوم , ولذلك يحسن العمل على أن تكوين السينما أداة تثقيفية نافعة بدلا من أن تكون أداة تسلية أو إفساد, ويحسن أيضا أن يشترك المواطنين في هذا التوجيه فيطلب إليهم مراقبة الأفلام والإعلان عن تلك التي يعتبرونها مضرة للأطفال وثمة أفلام ممتازة توضع اليوم لتدريس التاريخ الطبيعي والعلوم, وهذه الأفلام تعطي الطفل فكرة واقعية عن عمل الطبيعة تكون أوضح من تلك التي تكونها له ملاحظاته الخاصة أو محفوظاته المدرسية, إن بالامكان تدريس التاريخ المصور بواسطة السينما التي تعرض فيها من حين إلى أخر أفلام ك” الملكة فكتوريا” و” حياة شارل الأول” وكثير غيرهما من الأفلام التعليمية وهناك أيضا روايات تمثل البطولة الوطنية وأخرى تبعث في النفس المرح والبهجة والظرف, ومن الأفلام ما يسفه الرذيلة ويظهرها بالمظهر البشع الزري

وإذن فان بالامكان الإفادة من السينما كأداة تربوية تصرف الطفل عن كثير من المساوئ والمضار كالتدخين والقمار والإدمان على المسكرات ومغازلة الفتيات ..

ومن عيوب الأطفال الميل إلى الإجرام, هذا الميل الذي ليس فطريا فيهم بقدر ما هو وليد حبهم للمغامرة أو سخف تفكيرهم أو كرههم للنظام

والكذب عيب أخر منتشر لدى الأطفال, وهو ليس دائما وسيلة لتلافي العقاب بل انه يكاد يكون عادة متأصلة في طبيعة الطفل, فانك حين تلقى سؤالا على طفل من الشارع يجيبك عليه بكذبه يحاول بها أن يأخذ الوقت الكافي للتفكير في ما تريد, وان هذا العيب منتشر مع الأسف في العالم كله, وهو أكثر ما يكون انتشارا في القبائل المتأخرة, كما أن البلدان, الأوربية المتمدنة لا تخلو منه أيضا, أن عادة الصدق التي تجعل من الرجل إنسانا يوثق به هي أهم ما يميز شخصيته وشخصية الأمة التي ينتمي إليها, ولذلك كان علينا أن نبذل ما بوسعنا لرفع مستوى الحقيقة والشرف بين فتياننا الكشافين

المخيمات والأندية

أن خير وسيلة تحارب بها البيئة الفاسدة هي الاستعاضة عنها بالبيئة الصالحة, وهذه البيئة الصالحة تتوفر في ناد للمحاضرات والألعاب أو في غابة للتخييم, ولست اعني بالنادي ذلك المكان الفسيح الذي يقوم فيه الفتيان بتمارين يومية قصيرة المدى بل اعني به المكان الذي يشعر فيه الفتيان بأنهم في منازلهم والذي يستطيعون ارتياده في كل مساء ويجدون فيه عملا أو تسلية تلائم أمزجتهم وجوا تخيم عليه البهجة والمرح والسعادة, وحسب القائد أن يؤمن لفتيانه مثل هذا المكان لكي يكون قد حفظ عليهم أخلاقهم وأبعدهم عن مواطن الشر ومزالق الفساد والمخيمات – التي يجب الإكثار منها بالقدر المستطاع- هي أيضا من الوسائل التي تكافح بها البيئة الفاسدة والوسط الرديئ , وقد تكون أكثر فعالية وفائدة من نوادي التسلية واللهو, فالحياة في الهواء الطلق ,والصداقة التي تنعقد داخل الخيمة , في القرية أو حول النار من شأنهما أن يكسبا الفتيان روحا دائمة النشاط وان يتيحا للقائد فرصة مؤاتية للإشراف على فتيانه وإكسابهم الكثير من ميزات شخصيته

واجب القائد

إن نجاح القائد في تربية الطفل يتوقف إلى حد كبير, كما قلت أنفا, على المثل الشخصي الذي يقدمه هو نفسه, ومن السهل أن يكون الإنسان في نظر الفتى بطلا وأخا كبيرا في الوقت ذاته, فالأطفال شديدوا الإعجاب بالأبطال, ويخيل إلي أننا كلما تقادم علينا الزمن ازداد نسياننا لهذا الشعور بالإعجاب الذي يحسن به الأطفال جيمعهم, واذكر عندما كنت في المدرسة أنني تخاصمت مع فتى أخر لأنني لم أكن أشاركه إعجابه بهنري  ايرفنغ ,ولم يكن خلافنا على مواهبه كممثل بل على تكامله الجسمي وعلى معرفة ماذا كانت أصابعه جميلة أم لا

والقائد يتحمل , في تمثيله دور البطل أمام فتيانه, مسؤولية كبرى لأنهم مولعون بالإقتداء به وباكتساب جميع خصائصه سواء أكانت حسنة أو سيئة, وسرعان ما يصبح مظهره مظهرهم وتهذيبه تهذيبهم, وكذلك ما يبدر منه من غضب أو فرح أو حيوية أو سيطرة على النفس أو انحراف خلقي فان كل ذلك لا يلاحظه الفتيان فقط بل ينقلونه نقلا

لذلك كان على القائد, لكي يساعد فتيانه على تفهم ما جاء ف شريعة الكشاف, أن يحقق هو مواد هذه الشريعة في كل مظهر من مظاهر حياته وليثق بان فتيانه سيقتدون به إقتداء كليا دون ما حاجة إلى نصح أو إرشاد

الإخلاص للحركة

ويجب أن يذكر القائد أن عليه, إلى جانب واجبه نحو فتيانه, واجبا أخر نحو الحركة الكشفية, فإذا كنا نهدف إلى جعل الفتيان مواطنين صالحين, فما ذلك إلا لمصلحتهم ولمصلحة البلاد في وقت واحد, هذه البلاد التي نحرص على أن نقدم لها جيلا من المواطنين الأشداء المخلصين الذين يعملون بما اكتسبوه من تربية فاضلة على تحقيق الوحدة الوطنية في الداخل ونشر السلام والأمن في الخارج

ولما كان على المفوضين والقادة أن يعلموا فتيانهم التسامح والنظام بما يقدمونه لهم من أمثلة شخصية فقد أصبح لزاما عليهم أن يتجردوا من نزعاتهم الخاصة ويوفقوا بين أرائهم الشخصية والمبادئ العامة, وعليهم أن يعلموا فتيانهم أن يقوم كل منهم بقسطه من العمل ,وكلما كان هذا التعليم كاملا, كانت مهمة القائد التربوية ناجحة وموفقة ,وعندما يرى القائد نفسه غير قادر على السير في الوجهة التي ترسم له فان عليه أن يقابل المفوض ويطلعه بصراحة على عجزه عن القيام بالمهام الموكلة إليه, فإذا تبين أن هذا العجز واقع فعلا فان على القائد عندئذ أن يطلب إعفاءه من الخدمة, وان من حسن الحظ الحركة أنها لم تضم بعد قادة غير أكفاء ,بل أن جهازها والتفاني يتجلى بكثير من المواهب والكفاءات وبالإخلاص والتفاني للحركة التي يخدم فيها, وقد ثبت لدى ذلك في كثير من المؤتمرات والاجتماعات فاكتسبني ثقة جديدة وأملا جديدا في المستقبل الباهر الذي ينتظر قضيتنا

تجرأ رجل ذات مرة وقال لي انه اسعد إنسان على وجه الأرض , وقد رأيت من واجبي أن أرد عليه بأنني اعرف إنسانا اسعد منه ..

ويجب ألا يتبادل إلى أذهانكم أننا بلغنا هذه الذروة من السعادة ,أنا وهو, دون أن نجابه من اجلها الكثير من الصعوبات, وقد تكون مجابهة هذه الصعوبات والتغلب عليها هما اللذان جعلانا نشعر بالسعادة والهناءة

لا تنعشموا أيها القادة أن تحيوا حياة ناعمة كلها أزهار ورياحين, وان حياة كهذه لا تجلب لكم الرضى والسعادة, بل انتظروا الفشل وترقبوا الخيبة واستعدوا للصعاب حتى إذا اعترضتكم كنتم قادرين على اجتيازها باسمين هازئين

وكذلك في ما يتعلق بفتيانكم , فان عليكم أن توطنوا نفوسكم على ما ستلاقونه في تربيتهم وإعدادهم من صعاب وعراقيل كثيرة, تذرعوا بالصبر, فان التخلي عنه في أوقات الضيق يؤدي إلى الانهيار والإفلاس, واعلموا أن هذا الصبر والجلد وما يجب أن يرافقهما من تجاوز وتسامح عما تسمعونه من انتقاد أو تجريح سيكافآن بالنجاح والفوز, و بالرضى عن واجب قمتم به بأمانة وإخلاص, وعن مسئولية اضطلعتم بها على خير وجه

وان شعوركم بأنكم ساهمتم في الحيلولة دون انتشار المساوئ الاجتماعية والأمراض الخلقية, وبأنكم حافظتم على كيان وطنكم وأمتكم وحلتم دون تسرب الضعف والوهن إليه, أن شعوركم بهذا كله يملأ نفوسكم إيمانا بأنكم أديتم واجبكم نحو بلادكم وقمتم بقسطكم في سبيل خدمتها مهما كانت الطبقة الاجتماعية التي تنتمون اليها

منهاج الطليعة الدراسي

الموضوع الأول: كيف يربي الطفل؟

 

الأسبوع الموضوع: الدرس والتطبيق

 

الأسبوع الأول: التنظيم المدرسي زيارة المدارس الابتدائية والثانوية

زيارة المدارس الفنية

زيارة المدارس الليلية

الأسبوع الثاني : الحياة في الكلية زيارة إحدى الكليات الكبرى ,ومراقبة طرق العمل فيها وتنظيم الألعاب ,والطرق الرياضة البدنية, والوسائل التربوية لتنمية الذكاء في الحلقات الدراسية والمختبرات ..
الأسبوع الثالث: البيئة زيارة الأحياء الفقيرة

دراسة الحياة العائلية, والبيئة التي يعيش فيها الفتيان خارج المدرسة ,والملاهي (كالسينما) وكرة القدم ولغة الشارع..

الأسبوع الرابع: النظام الإداري زيارة المقر الكشفي العام إذا أمكن ذلك لمعرفة الكيفية التي نظمت بها الحركة , زيارة المؤسسات الهامة: نظامها سير العمل فيها والطرق المتبعة في دوائرها
مخيم عطلة الأسبوع ال التخييم مع طليعة أو فرقة من الفتيان

درس كل من الفتيان على حدة والتعرف إلى ما يكمن فيه من خير وشر ,واكتشاف ميوله الطبيعية وكل ماله صلة بالوسط الذي يعيش فيه , ضع خطة تساعدك على تنمية ما يملك من فضائل واستئصال ما تنم عنه طبيعته من مساوئ وعيوب

About Author

عن ahmed

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*