تعتبر الكشافة حركة رائدة لتدريب الفتية والشباب ليكونوا رجالًا صالحين، بالإضافة لاكتسابهم مهارات الحياة من خلال حياة الخلاء، حيث يتم تدريب الكشافة فيها على القيادة وبناء الذات والمواطنة وكيفية خدمة الآخرين، كما تكون لهم متعة في قيامهم بواجبهم نحو الله ونحو الذات ونحو الآخرين.
ولقد استرعى انتباه القادة العاملين في الحركة ما نراه في أيامنا هذه من انحرافات من بعض المجموعات والجمعيات الكشفية وابتعادهم عن المُثل الكشفية وذلك من خلال احتفالهم بيوم خاص للشذوذ وتقبلهم للمواضيع الانحرافية، وتقديم الدعم لمن يخالف المبادئ والطريقة الكشفية، وهذا على سبيل المثال لا الحصر، وهذا أمر بعيد كل البعد عن التعاليم الكشفية التي زرعها اللورد روبرت بادن باول في من حوله من الفتية والشباب، وفيما يلي أسوق بعض الدلائل على الأصول التي نشأت عليها الحركة الكشفية وذلك للعودة للمنبع الصافي والطريق الصحيح:
1. نشأة الحركة الكشفية:
لست هنا في معرض الحديث عن نشوء الحركة الكشفية بحد ذاتها، وإنما أردت التأكيد على فعل اللورد بادن باول، والذي كان خبير في طبائع النفس البشرية، ومن يطالع كتاباته يجد ذلك بوضوح، فمع بداية الحركة الكشفية تم تأسيس منظمة تمثل فتيان الكشافة والتي ينشأ فيها الفتى على الرجولة والمثل الكشفية، كما أسس بدافع منه ومساعدة أخته أغينس بادن باول منظمة تمثل فتيات الكشافة تكون الفتاة فيها معتدة بأنوثتها وملمة بالمبادئ الكشفية.
2. الوعد والقانون محور الطريقة الكشفية:
وضع اللورد بادن باول مجموعة من القيم التي على الكشافة التمسك بها، وذلك من خلال الوعد والقانون الكشفي، حيث تعتبر الكشافة أحد المعاقل القليلة المتبقية لهذا النوع من التوجيه الضروري لرحلة الفتى إلى الرجولة، وذلك بالإضافة للدور الأساسي التي تلعبه الأسرة في تهيئة البيئة الدينية في المنزل والمجتمع.
3. التقدم الشخصي:
توفر الكشافة إمكانية الحصول على شارات لمهنة أو رياضة أو هواية، تسمى شارات الهواية، وكما أن شارات الكفاية تهتم بالمجالات الكشفية المختلفة، ولها دور في بناء الجانب المعرفي الشخصي وتحديد الميول الفردية للكشاف والمرشدة، كما تدرب على العديد من المهارات وتنمي فيهم المواهب الجديدة، فكم من شارة ولدت عند الفتى حبا لمهنة أو شغفًا استمرت معه مدى الحياة.
4. دعم الراشدين:
أحد الأهداف الأساسية في كل فرقة كشفية هو إفساح الدور للشباب حتى يكونوا قادة، حيث يتدربون على ممارسة ذلك بأنماط وأدوار مختلفة، ويكون دور القادة الكبار تقديم التوجيه والإشراف والتأكد دوما من أن البيئة فيما حولهم آمنة وأن شروط السلامة محققة، أما الراشدين فيكون دورهم اختيار الأنشطة التي ترغب أن تقوم بها المجموعة والعمل على تنفيذها، كما أن هناك مسؤولية للعريف الأول في إدارة الاجتماعات الأسبوعية، وهو صلة الوصل بين القادة والكشافة.
وتمنح الفرق الكشفية فرصة للقيادة في بيئة يتوقع منهم الأخطاء من وقت لآخر ، وبدلاً من المعاقبة على الإخفاقات، يعطى الراشدون وقتهم لتدريب الفتيان على تحسين الأداء مما ينعكس على حسن أداءهم أيضا
التربية الكشفية (الجزء الثاني)
5. القيادة
يوجد العديد من البرامج والجلسات التدريبية التي تهتم بالتدريب على مهارات القيادة، حيث يتم التدريب فيها بواسطة قادة ذوي خبرة، وفي حين أن مثل هذه الدراسات تقام بثمن باهظ خارج الكشافة، نجد انها تقدم في الكشافة بجزء بسيط من التكلفة، حيث أن معظم قادة الحركة هم من متطوعين فيها.
لذلك يجب أن نهتم ببناء علاقة صحية وراقية مع كل من الكشاف والراشد وهي علاقة تتولد خلال التدريب والتوجيه القيادي والتيسيير، والتي تكون بين القائد والكشاف من جهة وبين الكشافة والراشدين مع بعضهم البعض من جهة أخرى.
6. المواطنة:
تتضمن متطلبات التقدم الشخصي الإلمام بالمجال الوطني كجزء من المنهاج الكشفي، كما أن من أهم التقاليد الكشفية التي تمارس في المخيمات والاجتماعات الكشفية رفع العلم وتحيته، وكذلك نجد أن الكشفية تعزز في الشباب ممارسة التصويت والشورى في المراحل الكشفية المتقدمة.
وهذا الشعور بالمواطنة يعزز الانتماء للمجتمع الذي يعيش فيه الكشاف ويطور عنده الأدوات التي يتعامل بها مع الآخرين.
7. التطوع:
تعد الخدمة العامة جزءا لا يتجزأ من الحركة الكشفية، حيث أن الكشاف لا ينضم للحركة الكشفية إلا بقطع وعد على نفسه بمساعدة الناس في كل حين وبجميع الظروف، واذا ترك الكشافة مزاولة أنشطتها فإنهم يختارون مواصلة الخدمة في مهنهم، كما يعمل جزء منهم في الجهات الحكومية أو في منظمات غير ربحية فتكون خدمة الآخرين والتطوع جزء من اهتماماتهم، وبذلك ينشأ الكشاف والراشد على السلوك الصحيح من خلال تطوير تعامله مع الآخرين حين يساعدهم أو أثناء تقديمه للخدمة العامة، والتي هي شعار مرحلة الجوال، إن إشغال وقت الشباب بالفوائد والمنافع التي تعود بالخير عليه وعلى مجتمعه، هي من الأمور الهامة التي تملئ وقت الشباب وتوجههم التوجيه الصحيح للاندماج بالمجتمع.
8. الزي الكشفي:
وهو من التقاليد الراسخة في الحركة الكشفية والتي حرص عليها اللورد بادن باول منذ بداية نشوء الحركة في مخيم براونسي عام 1907، لكن الزي الكشفي لم يكن موحدا بشكل كامل من حيث الشكل واللون وغير ذلك على مستوى العالم، فلكل جمعية أو منظمة أو فرقة خصوصية معينة في الزي وذلك بما يتناسب مع ثقافة البلد، بالمقابل كان لبس المنديل الكشفي (الفولار)، والذي يعبر عن شرف الكشاف، من الأمور التي تم الاتفاق عليها قديما في المؤتمرات الكشفية.
إن من يستعرض صور الزي الكشفي القديم في الفرق الكشفية عند نشأته يجد أن القادة والقائدات كانوا حريصين كل الحرص على تمييز زي الكشافة عن زي المرشدات، ليعبر كل عن هويته الكشفية أو الإرشادية والمنظمة التي يتبع لها، كذلك كان هناك تميز في البادجات، فالزنبقة الكشفية تمثل الكشافة والزهرة تمثل المرشدات.
من خلال التربية تسعى الكشفية جاهدة من أجل المساهمة في التنمية الشاملة للفتية والشباب في جميع أبعاد شخصيتهم الإنسانية كالتربية الروحية، والبدنية، والعقلية، والاجتماعية، والوجدانية، وهذه المجالات هي السمات المختلفة للشخصية البشرية التي يجب أن تتطور وتنمو مع نمو الفرد والتي تسعى الكشفية إلي تحقيقها.
كتبه القائد/ عامر منير صافي
الكويت في 25-05-2022
كتبه القائد/ عامر منير صافي