عند اندلاع الثورة التحريرية عام 1954 تسابقت العناصر الكشفية للالتحاق بصفوف الثوار , وهذا بعد حلها كبقية المنظمات بأمر من القيادة الثورية , فتدعمت جبهة التحرير الوطني بكفاءات شبانية تتمتع بروح انضباطية عالية , وغيرة على وطنية حيث اثبتت ولاءها واخلاصها للوطن عند تبنيها للمبادىء الثورية
لقد وجدت الثورة في الكشافين خير العناصر الواعية المدربة على العمل والنظام ,المشبعة بالروح الوطنية من فهم واقتناع ,المدركة لكل الابعاد الثورية فكونت نهم الجبهة والجيش خير الاطارات النضالية السياسية والعسكرية واثبتوا جدارتهم في خجمة بلادهم بصدق واخلاص وتفان سواء في الجبال والادغال أو في الاعمال الفدائبة داخل المدن والقرى وغير ذلك من الاعمال الاجتماعية والاسعافية التى كانت تتطلب الثورة في كل الميادين
فعلا لقد استعان ضباط جيش التحرير الوطني بخبرة كثير من القادة الكشفيين في مجال التدريب العسكرى والمجال الصحي لأمتلاكهم خبرات في ميدان الاسعاف والانقاذ بحيث ان اغلب الاطباء والممرضين قد اكتسبوا خبرات في مجال التمريض عن طريق الكشافة الاسلامية الجزائرية او عبر تربصات جد قصيرة
وفي هذا الاطار دائما استمر النشاط الكشفي خلال الثورة المسلحة وقدم دعم ماديا ومعنويا خاصة في استعمال مقرات الحركة الكشفية كملاجىء ومستشفيات سرية ومخابىء للذخيرة والادوية كما اتخذت مقرها مكانا لعقد اجتماعات مناضلي جبهة التحرير الوطني.
فعلا لقد انجبت المدرسة الكشفية طليعة ثورية كانت قمة في التضحية واداء الواجب الوطني ,اذ سجل لنا التاريخ قائمة طويلة لقافلة الشهداء ترعرعوا في أحضان هذه المدرسة الوطنية التي ربت في نفوس عناصرها حب الوطن والتضحية من اجل ان تحيا الجزائر حرة مستقلة , فكانوا سباقين الى الميدان الاستشهاد وأوفياء لأداء اليمين ( بالله الذي لا اله هو وبركة هذا المصحف الشريف , اني اهب نفسي للجزائر حتى النصر او الاستشهاد. ) فقد صدقوا ما عاهدوا الله عليه في اداء الواجب نحو الله والوطن نذكر من بينهم : باجي مختار , ديدوش مراد , سويداني بوجمعة ,احمد زهانة , يوسف زيغوت , كيلاني الارقط , على مستور , العربي بن مهيدي , عواطي مصطفى , حسيبة بن بوعلي , مريم باج , محمد بوقرة , عبد الحق قويسم …..
أما عن دورها النضالي خارج حدود الوطن فتميز بنشاط مكثف , اذ تكونت فرقة كشفية في كل من تونس والمغرب ويذكر الاستاذ رابح جابة في تقرير له حول الحركة الكشفية الجزائرية اثناء الثورة التحريرية انه في صائفة سنة 1957 شارك عدد من الطلبة الجزائريين في مخيم صيفي اقامته الكشافة التونسية بالمنطقة التى تدعى ( الوطن القبلي ) وبعد العودة من هذا المخيم مباشرة تكونت عشيرة سابعة جزائرية عملت في بداية تكوينها ضمن الكشافة التونسية حتى تكسب خبرة وتكوينا صحيحين .
ويذكر نفس الكاتب في مكان اخر انه في شهر مارس 1958 أرسل جوالان الى المشاركة في دراسة للشارة الخشبية اولهما في اقيم في المانيا , وشارك بايوت اسماري ( ايوب ) والثاني قرب مدينة الكاف بتونس وشارك فيها ( رابح جابة ) تحصل كلاهما على شهادة الشارة الخشبية من صنف ( أ ) وحسب معلوماتنا أن هاتين الشهادتين هما الشهادتان الاوليان في تاريخ الحركة الكشفية الجزائرية
بعد تكوين العشيرة السابعة وتأسيس الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية توفرت الشروط القانونية لتكوين وتنظيم نشاط كشفي على نطاق واسع وفي اطار كشافة جزائرية مستقلة عن الكشافة التونسية حيث تكونت في خريف 1958 اللجنة الكشفية الجزائرية من طرف الاخوة بايوت اسماري رابح جابة محمد الصغير ورزاق لبزة وصالح اسماري أذ باشرت هذه الاخيرة نشاطها في اطار جبهة التحرير الوطني ونفذت برامجها المسطرة بكل دقة وعلى كافة اصعدة التكوين الكشفي
وقد انشأت الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية لجنة عليا للشباب , تعتبر همزة وصل بين اللجنة الكشفية من ناحية والمستويات العليا
وفي اطار تكوين وتنظيم أفواج كشفية شرعت اللجنة الكشفية بتكوين أفواج بكل أقسامها ( جوالة, كشافة , اشبال , فتيات ) وذلك في كامل تراب الجمهورية التونسية
ازدهر نشاط هذه الحركة بكثرة الافواج من ضمن نشاطاتها اقامت أول مخيم تمهيدي سنة 1959 شارك فيه عدد كبير من الافراد مايقارب 100 من كافة الافواج الكشفية الجزائرية بقيادة رابح جابة ومساعدة محمد الصغير لبزة وسعيا لوحدة كشافة المغرب العربي انعقد مؤتمر تأسيسي بمدينة الرباط بالمغرب في دسمبر 1958 شارك فيه عن الكشافة الجزائـرية بتونس المرحوم محمد القائد العام للجنة الكشفية وبايوت اسماري مسؤول العلاقات الخارجية
وعند انعقاج اجتماع اللجنة الفتية بالمغرب ( عين خرزوزة ) في صائفة 1959 مثل الجزائر في هذا الاجتماع رابح جابة عن الكشافة الجزائرية بتونس ورضا بسطنجي عن الكشافة الجزائرية بالمغرب
كما سجلت الكشافة الجزائرية بتونس والمغرب حضورها في المؤتمر الثاني المنعقد سنة 1960 وشاركت ايضا في الجمبوري العربي الرابع المنعقد ببئر الباي وبرج السدرية في صائفة 1960 وفي اطار الاستعدادات لهذا التجمع نظم مخيم تحضيري بغابة الرمال ( قرب بنزرت ) شارك فيه 600 كشاف جزائري بقيادة رابح جابة بمساعدة محمد الصغير ورزاق لبزة وعبد الله عثماني ومبارك العيفة
كان المخيم الجزائري مضربا للأمثال من طرف كل الوفود العربية المشاركة في التجمع ومحا عناية من طرف المسؤلين الجزائرين حيث قام بزيارة وتشجيع له نخص بالذكر الموحوم كريم بلقاسم نائب رئيس الحكومة المؤقتة ووزير الداخلية ومحمد الطيب الثعالبي عضو مجلس الثورة ومسؤول قاعدة تونس احمد بن عبد القادر عياض البوعبدلي رئيس اللجنة العليا للشباب
وتجدرة الاشارة الى أن قيادة هذا المخيم اسندت الى احد قادة الافواج وهو مصطفى بسطنجي , كانت هناك مسابقات بين المخيمات ومنحت جوائز لأحسن مخيم عربي في هذا التجمع فكانت الجائزة الاولى من نصيب الجزائر
ومن ضمن نشاط الكشافة الجزائرية شارك اعضاؤها في عدة وفود ارسلت الى عدة بلدان في العالم قصد التعريف بالقضية الجزائرية نذكر على سبيل المثال لا الحصر في ربيع 1960 وبدعوة من الحكومة الصينية أرسلت الحكومة الجزائرية وفدا الى الصين الشعبية يتكون من عشرة أفراد يمثلوم اغلب المنظمات الجزائؤية ( طلبة فنانين وكشافة ) مثل الكشافة الجزائرية في هذا الوفد رابح جابة من الوفد في ذهابه بمدينة براغ حيث استقبله هناك وفد عن الاتحاد العالمي للطلبة ثم واصل سفره الى الصين الشعبية عن طريق موسكو ( التى لم تعترف بعد بالحكومة الجزائرية وكانت من المؤيدين لفرنسا ) وفد حكومة الجزائر على مطار بكين .
قامت العشيرة السابعة فى صائفة 1959 بتنظيم مخيم كشقي متنقل بليبيا بقيادة محمد الصغير لبزة ومساعده عبد المجيد تاغيت تجاوز عدد المشاريكين في المخيم العشرة من الجوالة حيث نظم في المدن التالية : طرابلس , الخمس , لبدة , الحفرة , كما قام الجوالان بايوت السماوي ورابح جابة بجولة على الاقدام من تونس حتى القاهرة حاملين العلم الوطني وباللباس الرسمي للكشافة الجزائرية وهذا في سنة 1960
وفي اطار التعريف بالقضية الجزائرية العادلة كانت اللجنة الكشفية بتونس تقوم بتنظيم العديد من المحاضرات في القاعات العمومية والخاصة وفي المقرات الكشفية , وكانت هذه المحاضرات تحت عنواين مختلفة في اطار فلسفة الثورة والعقيدة الثورية
كما اصدرت الللجنة الكشفية الجزائرية مجلة تكوينية تحت عنوان الشباب الجزائري كانت تعني بمختلف نواحي تربية الشباب وتمده ببعض المعلومات الكشفية والوطنية , صدر منها أحد عشر عدد
ومن خلال المسيرة النضالية التي خاضتها الكشافة الاسلامية الجزائرية منذ نشأتها نستخلص بأنها كانت فعلا مدرسة وطنية حقيقية لتربية الاجيال اذ أنجبت طليعة ثورية ظل ذكرها يشهد له التاريخ لانها لقنت العدو دروسا في التضحية من أجل حماية ثوابت الامة الجزائرية وترسيخها , فثبتت على العهد الذي قطعته بأن تخلص الجزائر من قبضة المحتل الغاصب حتى النصر او الا ستشهاد .