الرئيسية 8 الاخبار الكشفية 8 الكشافة الجزائرية 8 الكشافة الإسلامية الجزائرية… دور بارز خلال ثورة نوفمبر المجيدة

الكشافة الإسلامية الجزائرية… دور بارز خلال ثورة نوفمبر المجيدة

نشاطات عديدة ومتنوعة للاحتفال بالمناسبة

نظمت جمعية قدماء الكشافة الإسلامية الجزائرية، ابتداء من أول أمس الثلاثاء، أنشطة عديدة ومتنوعة على المستوى الوطني بمناسبة اليوم الوطني للكشاف والذكرى الثمانين لاستشهاد القائد محمد بوراس، وحسب البرنامج الذي سطر بالشراكة مع وزارة المجاهدين وذوي الحقوق، والذي سيدوم إلى غاية الفاتح جوان المقبل، تم تدشين المتحف الكشفي بالجلفة تحت إشراف القائد العام، مصطفى سعدون.

أما أمس فكانت هناك زيارة لقبر الشهيد محمد بوراس للترحم على روحه، كما ستعطى إشارة انطلاق قافلة “الشهيد بوراس” التي ستتوقف بالمؤسسات التربوية والتعليمية للتعريف بحياة الشهيد والحركة الكشفية، علاوة على تنظيم حفل تكريمي بالمتحف الوطني للمجاهد ابتداء من الساعة السابعة مساء، مع استعراض كشفي في ساحة رياض الفتح.

وسيتم اليوم الخميس، حسب ذات البرنامج، تدشين نصب تذكاري بساحة “كينيدي” ببلدية الأبيار وتنظيم ندوة تاريخية بمقر وزارة المجاهدين وذوي الحقوق، في حين سيتم يوم السبت وضع حجر الأساس للنصب التذكاري بمنبع المياه (La prise d’eau) بالحراش، وهو مكان انعقاد أول مؤتمر تأسيسي للحركة الكشفية تحت رئاسة الشهيد محمد بوراس، إلى جانب إقامة مهرجان الألعاب ومسابقات ذات البعد التاريخي لفائدة أطفال بلدية سيدي أمحمد بالجزائر العاصمة.

وبالعودة للحديث عن نشأة الحركة الكشفية في الجزائر، فقد ظهرت الكشافة في الجزائر بعد الحرب العالمية الأولى على يد الفرنسيين الذين كان هدفهم تربية أبنائهم، وكانت صورة للكشافة المتواجدة بفرنسا رغم انخراط بعض الشبّان الجزائريين في صفوفها لإعجابهم بالنظام والانضباط الكشفي والزي الموحد. لكن الاحتفالات بالذكرى المئوية للاحتلال وما رافقها من استعراضات استفزازية شاركت فيها الكشافة، دفعت الجزائريين إلى الانسحاب من صفوفها والاتجاه نحو تأسيس كشافة إسلامية جزائرية .

 

بدأت بأفواج متفرقة وانتهت بتنظيم حَظِيَ بالموافقة الشعبية والحكومية

تعود أصول الكشافة الإسلامية الجزائرية إلى سنوات الثلاثينيات حين تأسّس فوج كشفي بمدينة مليانة تحت اسم: فوج ابن خلدون على يد صادق الغول، وبعدها بقليل تأسس فوج ثاني بالعاصمة من طرف محمد بوراس تحت اسم فوج الفلاح سنة 1935، وحصل على الاعتماد الرسمي في جوان 1936 ثم توسعت الأفواج الكشفية إلى باقي المدن الجزائرية، فظهر فوج الرجاء وفوج الصباح بقسنطينة (1936)، وفوج الفلاح بمستغانم (1936)، وفوج الإقبال بالبليدة (1936)، وفوج القطب بالعاصمة (1937) وفوج الحياة بسطيف (1938) وفوج الهلال بتيزي وزو (1938) وفوج الرجاء بباتنة (1938) وفوج النجوم بقالمة (1938).

وأمام تزايد الأفواج الكشفية، فكّر محمد بوراس في تأسيس جامعة الكشافة الإسلامية الجزائرية التي حظيت بموافقة حكومة الجبهة الشعبية، وعقد مؤتمر التأسيس بالحراش تحت الرئاسة الشرفية للشيخ عبد الحميد بن باديس وكان شعاره “الإسلام ديننا والعربية لغتنا والجزائر وطننا”.

 

مدرسة حقيقية لتلقين الشباب الأفكار الوطنية

اتسعت نشاطات الحركة الكشفية، وانتشرت الأفواج في ربوع المدن الجزائرية واكتسبت الحركة شعبية كبيرة في أوساط المواطنين خاصة بعدما حظيت برعاية علماء الإصلاح بإشرافهم على التجمعات الكشفية، في مختلف المدن الجزائرية، ابن باديس في قسنطينة والطيب العقبي في العاصمة، والبشير الإبراهيمي في تلمسان. وتحولت إلى مدرسة حقيقية لتلقين الشبان الأفكار الوطنية، ومبادئ الإسلام واللغة العربية، والتشبع بالفكر الاستقلالي من خلال المخيمات الكشفية وعرض المسرحيات المعبّرة عن واقع الجزائريين المزري تحت نير الاحتلال، وترديد الأناشيد الوطنية وبت روح الانتماء القومي في صفوف الشبان. هذا النشاط المكثف للكشافة الإسلامية الجزائرية جعلها عرضة لمضايقات السلطات الفرنسية التي عملت كل ما في وسعها لعرقلة نشاطاتها، ولعل أكبر مثال على هذا إعدام محمد بوراس بتاريخ 27 ماي 1941 بتهمة واهية

“الجوسسة لصالح النازية” ورغم العراقيل واصل الكشفيون مهامهم الوطنية بـ :

– توزيع منشورات الأحزاب الوطنية مثل منشورات حزب الشعب وحركة أحباب البيان .

– عقد الاجتماعات التكوينية في بيوت المناضلين .

– المشاركة في المظاهرات وأبرزها مشاركة الكشافة في مظاهرات 08 ماي 1945، وأوّل من استشهد الكشاف بوزيد سعال حامل الراية الوطنية

– استخدام مقرات الكشافة كملاجئ للمناضلين المطاردين من طرف الشرطة الفرنسية

 

ساندت الثورة ومدّتها بخيرة رجالها

شكلت الكشافة الإسلامية الجزائرية رصيدا هائلا من الرجال المستعدين للقيام بالعمل المسلح، إذّ تسابقت العناصر الكشفية إلى الالتحاق بصفوف المجاهدين عند اندلاع الثورة التحريرية، وأعلنت عن حل نفسها استجابة لنداء جبهة التحرير الوطني، فتدعم جيش التحرير الوطني بكفاءات شبانية مدربة تتمتع بروح انضباط عالية وإخلاص للوطن، ووجدت الثورة التحريرية في الكشفيين عناصر واعية مدربة على العمل والنظام ومستعدة للتضحية من أجل الوطن بقناعة تامة .

وساهم قادة الأفواج الكشفية في تدريب جنود جيش التحرير الوطني، كما استفادت الوحدات الصحية لجيش التحرير الوطني من خبرة العناصر الكشفية في مجال التمريض والإسعافات، ومن أبرز القادة الكشفيين الذين شغلوا مناصب قيادية في الثورة ولم يقتصر دور الكشافة أثناء الثورة على الداخل بل تعدّاه إلى خارج الوطن، أين تشكلت فرق كشفية جزائرية في كل من تونس والمغرب وشاركت باسم الجزائر في عدة نشاطات كشفية في الرباط، وتونس وألمانيا والصين، والخلاصة أن الثورة الجزائرية وجدت رصيدا من الرجال في صفوف الكشافة كان لهم شرف الاستشهاد من أجل حرية الجزائر.

وعند اندلاع الثورة التحريرية عام 1954 تسابقت العناصر الكشفية للالتحاق بصفوف الثوار وهذا بعد حلها كبقية المنظمات بأمر من القيادة الثورية، فتدعمت جبهة وجيش التحرير الوطني بكفاءات شبانية تتمتع بروح انضباطية عالية وغيرة وطنية، حيث أثبتت ولاءها وإخلاصها للوطن عند تبنيها للمبادئ الثورية.

لقد وجدت الثورة في الكشافين خير العناصر الواعية المدربة على العمل والنظام المشبعة بالروح الوطنية عن فهم واقتناع، المدركة لكل الأبعاد الثورية التحررية فكونت منهم الجبهة والجيش خير الإطارات النضالية السياسية والعسكرية وأثبتوا جدارتهم في خدمة بلدهم بصدق وإخلاص وتفانٍ سواء في الجبال والأدغال أو في الأعمال الفدائية داخل المدن والقرى وغير ذلك من الأعمال الاجتماعية والاسعافية التي كانت تتطلبها الثورة في كل ميدان.

فعلا لقد استعان ضباط جيش التحرير الوطني بخبرة كثير من القادة الكشفيين في مجال التدريب العسكري والمجال الصحي لامتلاكهم خبرات في ميدان الإسعاف والإنقاذ، بحيث أغلب الأطباء والممرضين قد اكتسبوا خبرات في مجال التمريض عن طريق الكشافة الإسلامية الجزائرية أو عبر تربصات جد قصيرة.

وفي هذا الإطار دائما استمر النشاط الكشفي خلال الثورة المسلحة وقدم دعما ماديا

ومعنويا خاصة في استعمال مقرات الحركة الكشفية كملاجئ ومستشفيات سرية

ومخابئ للذخيرة والأدوية، كما اتخذت مقراتها مكانا لعقد اجتماعات مناضلي جبهة التحرير الوطني.

فعلا لقد أنجبت المدرسة الكشفية طليعة ثورية كانت قمة في التضحية وأداء الواجب الوطني، إذ سجل لنا التاريخ قائمة طويلة لقافلة الشهداء الذين ترعرعوا في أحضان هذه المدرسة الوطنية التي ربت في نفوس عناصرها حب الوطن والتضحية من أجل أن تحيا الجزائر حرة مستقلة، فكانوا سباقين إلى ميدان الاستشهاد وأوفياء لأداء اليمين “بالله الذي لا إله إلا هو وبركة هذا المصحف الشريف أني أهب نفسي للجزائر حتى النصر أو الاستشهاد”. فقد صدقوا ما عاهدوا الله عليه في أداء الواجب نحو الله والوطن، نذكر من بينهم: باجي مختار – ديدوش مراد- سويداني بوجمعة- أحمد زهانة- زيغود يوسف-كيلاني الارقط- علي بن مستور- العربي بن مهيدي- عواطي مصطفى- حسيبة بن بوعلي- مريم باج – محمد بوقرة – عبد الحق قويسم…الخ.

دور نضالي بارز في الخارج

أما عن دورها النضالي خارج حدود الوطن فتميز بنشاط مكثف، إذ تكونت فرق كشفية في كل من تونس والمغرب، ويذكر الأستاذ رابح جابة في تقرير له حول “الحركة الكشفية الجزائرية أثناء الثورة التحريرية” أنه في صائفة سنة 1957 شارك عدد من الطلبة الجزائريين في مخيم صيفي أقامته الكشافة التونسية بالمنطقة التي تدعى “الوطن القبلي”، وبعد العودة من هذا المخيم مباشرة تكونت عشيرة سابعة جزائرية عملت في بداية تكوينها ضمن الكشافة التونسية حتى تكتسب خبرة وتكوينا صحيحين.

ويذكر نفس الكاتب في تقرير آخر أنه في شهر مارس 1958 أرسل جوالان إلى المشاركة في دراسة للشارة الخشبية أولهما أقيم بألمانيا وشارك فيها بايوب اسماوي “أيوب” والثاني قرب مدينة الكاف بتونس وشارك فيها رابح جابة “جابر” تحصل كلاهما على شهادة الشارة الخشبية من صنف <أ> وحسب معلوماتنا أن هذين الشهادتين هما الأولين في تاريخ الحركة الكشفية الجزائرية.

بعد تكوين العشيرة السابعة وتأسيس الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، توفرت الشروط القانونية لتكوين وتنظيم نشاط كشفي على نطاق أوسع في إطار كشافة جزائرية مستقلة عن الكشافة التونسية، حيث تكونت في خريف 1958 اللجنة الكشفية الجزائرية من طرف الإخوة: بايوب اسماوي ورابح جابة ومحمد الصغير ورزاق لبزة “العلمي” و صالح اسماوي. إذ باشرت هذه الأخيرة نشاطها في إطار جبهة التحرير الوطني ونفذت برامجها المسطرة بكل دقة وعلى كافة أصعدة التكوين الكشفي.

وقد أنشأت الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية لجنة عليا للشباب تعتبر همزة وصل بين اللجنة الكشفية من ناحية والمستويات السياسية العليا.

وفي إطار تكوين وتنظيم أفواج كشفية، شرعت اللجنة الكشفية بتكوين أفواج بكل أقسامها “جوالة _ كشافة _ أشبال _ فتيات” وذلك في كامل تراب الجمهورية التونسية.

ازدهر نشاط هذه الحركة بكثرة عدد الأفواج، وكان من ضمن نشاطاتها أنها أقامت أول مخيم تمهيدي سنة 1959 شارك فيه عدد كبير من الأفراد، ما يقارب المائة 100 من كافة أفواج الكشافة الجزائرية بقيادة رابح جابة ومساعدة محمد الصغير رزاق لبزة “العلمي”.

وسعيا لوحدة كشافة المغرب العربي، انعقد مؤتمر تأسيسي بمدينة الرباط بالمغرب في ديسمبر 1958 شارك فيه عن الكشافة الجزائرية بتونس المرحوم محمد بالطيب القائد العام للجنة الكشفية، بايوب اسماوي مسؤول العلاقات الخارجية.

وعندما انعقد اجتماع اللجنة الفنية بالمغرب في عين خرزوزة في صائفة 1959 مثّل الجزائر في هذا الاجتماع رابح جابة عن الكشافة الجزائرية بتونس ورضا بسطنجي عن الكشافة الجزائرية بالمغرب.

كما سجلت الكشافة الجزائرية بتونس والمغرب حضورها في المؤتمر الثاني المنعقد سنة 1960 وشاركت أيضا في الجمبوري العربي الرابع المنعقد ببئر الباي وبرج السدرية في صائفة 1960 وفي إطار الاستعدادات لهذا التجمع، نظم مخيم تحضيري بغابة الرمال قرب بنزرت شارك فيه 600 كشاف جزائري بقيادة رابح جابة بمساعدة محمد الصغير رزاق لبزة وعبد الله عثمانية ومبارك العيفة.

كان المخيم الجزائري مضربا للأمثال من طرف كل الوفود العربية المشاركة في التجمع ومحل عناية من طرف المسؤولين الجزائريين في الجبهة والحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، حيث قام بزيارة تشجيع له، نخص بالذكر المرحوم كريم بلقاسم نائب رئيس الحكومة ووزير الداخلية محمد الطيب الثعالبي سي علال عضو مجلس الثورة ومسؤول قاعدة تونس، أحمد بن عبد القادر عياض البوعبدلي رئيس اللجنة العليا للشباب.

وتجدر الإشارة إلى أن قيادة هذا المخيم أسندت إلى أحد قادة الأفواج وهو مصطفى بسطنجي. كانت هناك مسابقات بين المخيمات ومنحت جوائز لأحسن مخيم عربي في هذا التجمع، فكانت الجائزة من نصيب الجزائر.

ومن ضمن نشاط الكشافة الجزائرية، مشاركة أعضائها في عدة وفود أرسلت إلى عدة بلدان في العالم قصد التعريف بالقضية الجزائرية، نذكر على سبيل المثال لا الحصر في ربيع 1960 وبدعوة من الحكومة الصينية أرسلت الحكومة الجزائرية وفدا إلى الصين الشعبية يتكون من عشرة أشخاص يمثلون أغلب المنظمات الجزائرية “طلبة- فنانين- و كشافة”. مثّل الكشافة الجزائرية في هذا الوفد رابح جابة وقد مر الوفد في ذهابه بمدينة براغ حيث استقبله هناك وفد عن الاتحاد العالمي للطلبة. ثم واصل سفره إلى الصين الشعبية عن طريق موسكو “التي لم تعترف بعد بالحكومة الجزائرية وكانت من المؤيدين لفرنسا”.

قامت العشيرة السابعة في صائفة 1959 بتنظيم مخيم كشفي متنقل بليبيا بقيادة محمد الصغير لبزة “العلمي” ومساعدة عبد المجيد تاغيت “تاريكت”، تجاوز عدد المشاركين في المخيم العشرة من الجوالة، حيث نظم في المدن التالية:- طرابلس- الخمس-لبدة-الحفرة. كما قام الجوالان بايوب اسماوي ورابح جابة بجولة على الأقدام من تونس حتى مدينة القاهرة عاصمة الجمهورية العربية المتحدة، حاملين العلم الجزائري وباللباس الرسمي للكشافة الجزائرية وهذا في سنة 1960.

وفي إطار التعريف بالقضية الجزائرية العادلة، كانت اللجنة الكشفية بتونس تقوم بتنظيم العديد من المحاضرات في القاعات العمومية والخاصة وفي المقرات الكشفية تحت عناوين مختلفة في إطار: فلسفة الثورة والعقيدة الثورية.

لمياء. ب

About Author

عن ahmed

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*